التحديات والدروس المستفادة من ثورات الربيع العربي: قراءة في مسار الأحداث

في الذكرى الرابعة عشرة لثورة يناير، لا بد من طرح تساؤلات حول طبيعة هذه الثورة وحقيقتها. فمن ناحية، يمكن اعتبارها ثورة شبابية، إلا أن واقع الأمر يكشف عن غياب الرؤية الواضحة والمرتكزات الفكرية التي كان من المفترض أن تقودها. لم تكن تلك الثورات تمتلك البدائل الفكرية أو الثقافية التي تسمح بإحداث تحول جاد في النظام القائم، وهو ما أسهم في سهولة هزيمتها. كانت غائبة عن إطار استراتيجي قادر على إحلال النظام القديم بنظام جديد متماسك.

نقد آخر يتعلق بطابع الثورات العربية التي اتسمت بالمحافظة، حيث لم تخرج في جوهرها من نزاع حقيقي مع رؤى العالم القديم. بدلاً من السعي لتحطيم القيود والانطلاق نحو عالم من الحرية، بدت هذه الثورات وكأنها تسعى لتحسين الوضع الراهن، دون أن تمتلك الأدوات اللازمة لإحداث التغيير الجذري.

لكن ما يثير الاهتمام أكثر هو إدراك الأنظمة الحالية، أكثر من الشباب المحبط أو النخب المثقفة، للخطورة التي تمثلها هذه التجربة على مر السنوات العشر الماضية. ففي العديد من الدول، بما في ذلك مصر، يسعى النظام إلى تدمير أي أمل في تحرك شعبي جديد، حتى وإن كان بسيطًا. الأنظمة السلطوية، الماسكة بزمام الأمور، تستمر في تمترسها وراء القوة العسكرية، دون أن تمتلك هيمنة حقيقية على الواقع.

من جهة أخرى، كانت الشوارع والساحات ساحة لتوسيع الأفق السياسي لدى الناس، الذين بدأوا في استشعار إمكانيات أكبر بكثير مما كانوا يتصورون. ورغم التوتر بين الأمل والقسوة في إصلاح مسار دولة ما بعد الاستقلال، إلا أن تلك اللحظات أفاضت ما هو غير متخيل سياسيًا. وقد أصبح من الضروري التفكير في هذه التجربة، بدلاً من الاكتفاء بالحديث حول الطابع المحافظ للثورات أو فشل مسارها وفقًا للكتالوج التاريخي المعهود.

السؤال الأهم في مرحلة ما بعد الربيع العربي هو: هل يمكننا البناء على تلك التجربة التاريخية التي خاضها الشعب بدمه على مدار 14 عامًا؟